زواج المسيار

انتشر في الفترة الأخيرة زواج المسيار وأصبحت الكلمة متداوله بين الناس فما هو زواج المسيار؟ وما حكمه في الشريعة الإسلامية؟ وما هي أسباب ظهوره؟

زواج المسيار: أن يعقد الرجل زواجه على امرأة عقدًا شرعيّاً مستوفي الأركان والشروط ، لكن تتنازل فيه المرأة عن بعض حقوقها كالسكن أو النفقة أو المبيت.

 أبرز أسباب ظهور مثل زواج المسيار: 

  1.  ازدياد العنوسة في صفوف النساء بسبب انصراف الشباب عن الزواج لغلاء المهور وتكاليف الزواج أو بسبب كثرة الطلاق فلمثل هذه الأحوال ترضى بعض النساء بأن تكون زوجة ثانية أو ثالثة وتتنازل عن بعض حقوقها.
  2.  احتياج بعض النساء للبقاء في بيوت أهاليهن إما لكونها الراعية الوحيدة لبعض أهلها، أو لكونها مصابة بإعاقة ولا يرغب أهلها بتحميل زوجها ما لا يطيق، ويبقى على اتصال معها دون ملل أو تكلف أو لكونها لها أولادا ولا تستطيع الانتقال بهم إلى بيت زوجها ونحو ذلك من الأسباب .
  3.  رغبة بعض الرجال من المتزوجين في إعفاف بعض النساء لحاجتهن لذلك أو لحاجته للتنوع والمتعة المباحة دون أن يؤثر ذلك على بيته الأول وأولاده.
  4.  رغبة الزوج أحياناً في عدم إظهار زواجه الثاني أمام زوجته الأولى لخشيته مما يترتب على ذلك من فساد العشرة بينهما.
  5.  كثرة سفر الرجل إلى بلد معين ومكثه فيه لمدد متطاولة  ولا شك أن بقاءه فيه مع زوجة أحفظ لنفسه من عدمه.

حكم زواج المسيار:

اختلف أهل العلم في حكم هذا النوع من الزواج إلى أقوال  فمنهم من  أباحه ومنهم من أباحه مع الكراهة إلى المنع منه، وننبه هنا على أمور:

الأول : أنه لم يقل أحد من أهل العلم ببطلانه أو عدم صحته، بل منعوا منه لما يترتب عليه من مفاسد تتعلق بالمرأة من حيث إنه مهين لها ، ومن تعلقه بالمجتمع من حيث استغلال هذا العقد من قبل أهل السوء وادعاء أن عشيقها هو زوجها، ومن تعلقه بالأبناء حيث سيكون تضييع لهم ولتربيتهم بسبب غياب الأب .

الثاني: أن بعض من قال بإباحته رجع إلى التوقف عن القول بإباحته ، ومن أبرز من قال بإباحته هو الشيخ عبد العزيز بن باز والشيخ عبد العزيز آل الشيخ، ومن أبرز من كان يقول بإباحته ثم توقف فيه هو الشيخ العثيمين، كما أن من أبرز من قال بالمنع منه بالكلية هو الشيخ الألباني.

الثالث: أن من قال بإباحة هذا الزواج:

  • لم يقل بتوقيته بزمان محدد مشابهة للمتعة.
  •  ولم يقل بجوازه من غير ولي؛ إذ إن الزواج من غير ولي باطل.
  •  ولم يقل بجواز انعقاده من غير شهود أو إعلان بل لا بدَّ من أحدهما.

أقوال العلماء في زواج المسيار:

  1. سئل الشيخ ابن باز رحمه الله : عن زواج المسيار وهذا الزواج هو أن يتزوج الرجل ثانية أو ثالثة أو رابعة  وهذه الزوجة يكون عندها ظروف تجبرها على البقاء عند والديها أو أحدهما في بيتها، فيذهب إليها زوجها في أوقات مختلفة تخضع لظروف كل منهما ، فما حكم الشريعة في مثل هذا الزواج؟

    فأجاب :
    "لا حرج في ذلك إذا استوفى العقد الشروط المعتبرة شرعاً وهي: وجود الولي ورضا الزوجين وحضور شاهدين عدلين على إجراء العقد وسلامة الزوجين من الموانع؛ لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( أحق ما أوفيتم من الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج)؛ وقوله صلى الله عليه وسلم: (المسلمون على شروطهم) ، فإذا اتفق الزوجان على أن المرأة تبقى عند أهلها، أو على أن القسم يكون لها نهاراً لا ليلاً أو في أيام معينة أو ليالي معينة: فلا بأس بذلك بشرط إعلان النكاح وعدم إخفائه"


    هذا وقد نقل بعض تلامذة الشيخ رحمه الله أنه توقف عن القول بإباحته آخر أمره لكن لم نجد شيئاً مكتوباً حتى نوثقه.

     
  2.  وسئل الشيخ عبد العزيز آل الشيخ حفظه الله :
    يدور كلام كثير حول تحريم وتحليل زواج المسيار ونود من سماحتكم قولا فصلاً في هذا الشأن مع بيان شروطه وواجباته إن كان في حكم الحل؟

    فأجاب :
    "شروط النكاح هي تعيين الزوجين ورضاهما والولي والشاهدان فإذا كملت الشروط وأعلن النكاح ولم يتواصوا على كتمانه لا الزوج ولا الزوجة ولا أولياؤهما وأولم على عرسه مع هذا كله فإن هذا نكاح صحيح سمِّه بعد ذلك ما شئت". 
     
  3. وقد سئل الشيخ الألباني عن زواج المسيار فمنع منه لسببين:
    أن المقصود من النكاح هو " السكن " كما قال تعالى : ( وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) الروم/21 ، وهذا الزواج لا يتحقق فيه هذا الأمر.
    أنه قد يقدَّر للزوج أولاد من هذه المرأة وبسبب البعد عنها وقلة مجيئه إليها سينعكس ذلك سلباً على أولاده في تربيتهم وخلقهم.
     
  4. وكان الشيخ ابن عثيمين رحمه الله يرى الجواز ثم توقف فيه بسبب ما تخلله من فساد في التطبيق من بعض المسيئين .

ملخص:

أن زواج المسيار إذا استوفى شروط الزواج الصحيح من الإيجاب والقبول ورضا الولي والشهود أو الإعلان: فإنه عقد صحيح، وهو صالح لأصنافٍ معينة من الرجال والنساء تقتضي ظروفهم مثل هذا النوع من العقود وأنه قد استغل هذا الزواج ضعاف الدين  لذا فالواجب عدم تعميم هذه الإباحة بفتوى، بل يُنظر في ظرف كلٍّ من الزوجين فإن صلح لهما هذا النوع من النكاح أجيز لهما وإلا منعا من عقده؛ وذلك منعاً من التزوج لأجل المتعة المجردة مع تضييع مقاصد النكاح الأخرى، وقطعاً للسبيل أمام بعض الزيجات التي يمكن الجزم بأنها ستكون فاشلة وتسبب ضياع الزوجة. 

اقرأ أيضا: زواج المتعة و الزواج العرفي والزواج المدني.

 

المراجع:
  • " فتاوى علماء البلد الحرام " ( ص 450 ، 451 ) ، و" جريدة الجزيرة " عدد ( 8768 ) الاثنين 18 جمادى الأولى 1417هـ.
  • " جريدة الجزيرة " الجمعة 15 ربيع الثاني 1422 هـ ، العدد : 10508.

  • " أحكام التعدد في ضوء الكتاب والسنة " ( ص 28 ، 29 ).

  • موقع اسلام سؤال وجواب.