الحُب هو سرُ الحياة وإكسيرها ، هو المحرّك الذي نستَمد منهٌ قوتنا وإستمرارنا ، إنّه السرّ وراء قبولنا لأحد ما أو رفضِنا معاشرته أو حتى تحمّل الجلوس معه لبعض الوقت ، وأحياناً كثيرة يكون الدّافع وراء الكثير من الاْفعال . ويقول عنه المحبّون بأنه الشمس الذي لا بدّ لها أن تسطع لتنير الدنيا وتعطي قلوبَ ساكنيها الدفىء والحنان والأمل بالمستقبل الأجمل . والزواج هو الخطوة التي تكمل و تجللُ هذا الحُب فإرتباط الحُب بالزواج هو ارتباط جذري لا خلاف عليه اذا كانت ظروف هذا الحُب صحيّة ومناسبة .
الكثير من قصص الناس حولنا توحي لنا بإنطباع معين فمثلاً في قصص الزّواج حين يتزوج رجلٌ من فتاة ما بشكلٍ تقليدي ونعني بذلك أن يتم الزواج عن طريق الأهل والزيارات الرّسمية نحكُم عليه بشكلٍ غير عادلٍ أنّه زواجٌ فاشل وأنّه لن يكتمل وإن إكتمل لن يكون فيه تلك اللّذة وفي الجهة المعاكسة حين يكون الزواج عن حُب نحكم عليه بالصّحة والعصرية والموضوعيّة لكننّا على أرض الواقع نرى الكثير ممّن تزوجوا بشكل تقليدي حياتَهم سعيدة وناجحة وصحيّة جداً ونرى على العكس أنّ من تزوّجوا عن حُب لم يُكتب لقصتهم النجاح بل جوبهوا بالفشل الذريع واصطدموا بواقعٍ مرير , أنا لا أقول أن الزّواج عن حُب هو دائماً فاشل والزواج التقليدي هو دائماً ناجح ، لا ، ما أريد قوله أن فكرة الزّواج بحد ذاتها مرهونة بالصحيّة في العلاقة بين الرجل والمرأة ، بالإحترام المتبادل ، بالحوار الدائم بينَهما ومحاولة خلق نقاطٍ مشتركة تجمعهُما.
إذا أردنا أن نتكلم أكثر عن الزواج التقليدي ومفاتيح نجاحه وفشله علينا أن نبدأ به من أولى خطواته حين يقرّر (س) من الشباب أن يتزوج ويذهب مع أهلِه في زيارة رسميّة للفتاة وأهلِها . يراها فيُعحب بها فيقررسريعاً أنّها مناسبة وأحيانا كثيرة دون أن يتكلم معها أو أن يفتح حواراً صغيراً معها ليعرف طريقة تفكيرها ، تُقرأ الفاتحة و يُعقد قرانهما سريعا خلال فترة قصيرة لا تتعدى الشهر ، لا الفتاة عرفت كيف يُفكر الزّوج المستقبلي و لا الشاب عرف اهتمامات زوجته المستقبليّة ليُفاجىء كلاهما أن لا شيء جامع بينهما ويحدث الإنفصال . فهنا حدث الخطأ ألا وهو التّسرُّع في الحُكم . نحن اذا اردنا أن نتزوج بطريقة تقليدية علينا أن نكون عقلانين و موضوعيين وأن نأخذُ كامل وقتنِا في التّحدُث مع الشريك أكثر من مرّة وأكثر من زيارة حتى نكوِّن صورةً واضحة عن الطرف الآخر حينها نستطيع إتخاذ القرارُ المناسب ، أمّا أن نخدع بالشكل فذلك زائل ووقتي يذهب في أول خلاف مع الشريك . اذاً مفتاح نجاح الزواج التقليدي هو عدم التسرُّع وأخذ الوقت اللازم في التعرف على الشريك هُنا نستطيع أن نحكم على الزواج التقليدي بالنجاح .
تقول ليلى : وهي فتاة في الخامسة والعشرين من عمرِها حينَ سألتها عن زواجها وهل هي سعيدة أم لا : لقد تزوّجت منذٌ حوالي الثلاث سنوات وكان زواجي تقليدياً فقد تعرفت على زوجي في احدى المناسبات الاجتماعية وبعدها قام بزيارتنا . دام التعارف بيني وبينه حوالي الشهرين كنّا بدايةَ قد قرأنا الفاتحة ولم أقبل بأن يُعقد القِران إلاّ بعد أن أجلس معه أكثر من مرة وأعرف شخصيته واهتماماته وإن كانت مُتقاربة لاهتماماتي ، كان يأتي الى بيتنا كلَّ اسبوع تقريباً ويجلس معي في الصالون ونتحدث في مواضيع عامة أستطيع من خلالها الكشف عن ثقافته وفكره . الآن وبعد ثلاث سنوات استطيع القول أنني قد أحسنت الإختيار وأنّي وجدت شريك الرُّوح .
أعود وأكرر أننا يجب أن نبتعد عن الاْحكام المطلقة وأن احتمال الخطأ والفشل وارد في كلاهما الزواج التقليدي والزواج عن حب فألامر برمتِه يعتمد على مدى وعي وثقافة كلا الطرفين مما ينعكس على طبيعة الحياة بينهما بالتالي على اْطفالهِما مما يَخلق حياةً صحيّة ملتزمة .
عزيزي القارىء ، عزيزتي القارئة : إن ما يهمٌّني في الحقيقة من خلال بحثي هذا أن أوضّح لك ولكِ أنّه لا يهُم اْبداً كيف تتزوّج/تتزوّجي المُهم كيفَ نبني علاقة ناجحة وصحيّة مع الشريك مما يعني علاقة أساسها الأحترام والثقة والصراحة وتقبّل عيوب وأخطاء الآخر فليس هناك ذلك الشّخص المثالي او ( the perfect guy) كما سرّبت لنا السينما الهوليودية هذا هو ما أكّد عليه علماء النفس بتعريفهم للحُب والاستقرار العلاقة السليمة التي تبدأ بعد 6 اشهر من الانتظام في علاقة سويّة بعد الزواج .
إنّ المُراهنة على نجاح العلاقة الزوجيّة يحتاج الى مُعطيات وأساسات تقوم عليه فإذا تمّ إهمال أحدها هُدم البناء برمَته أو ظلَّ قائماَ لكنّه خالي من حلاوة الرّوح ولذّتها.